خرائط آبل، كيف حدثت مشكلة إطلاقها من خلف الكواليس وكيف استفادت آبل من الدرس ؟


في عام 2012 قررت شركة آبل التخلّي عن خرائط جوجل بعد استخدامها في نظام iOS لأربع سنوات حيث كانت نهاية مدة العقد بين الطرفين واختلافهم حول محاور جوهرية لتجديد العقد. آبل قررت إطلاق تطبيقها الخاص للخرائط Apple Maps لأنها أيضاً استوعبت ضرورة أن تملك خرائط خاصة بها على المدى البعيد، لكن بداية التطبيق كانت سيئة للغاية.
وفي مُقابلة أجراها كُل من Eddy Cue، نائب رئيس قسم الإنترنت والخدمات في آبل، وCraig Federighi نائب رئيس قسم هندسة البرمجيات، تم الحديث عن إطلاق خرائط آبل للمرّة الأولى والكواليس التي سبقت هذا الإطلاق والتي تبعته أيضًا.
Eddy وCraig اعترفا أن آبل دائمًا ما تسعى لتحقيق جودة عالية جدا في جميع مُنتجاتها وهي غاية لا يُمكن إدراكها بشكل دائم، لكن القوّة في الشركة تكمن في إمكانية الإقرار بالأخطاء والعمل على مُعالجتها بأفضل صورة مُمكنة.
وتعتبر آبل أن سوق تطوير أنظمة الخرائط لا يحتوي سوى على اسمين هُما آبل وجوجل، أما البقية فهي تُقدم مُحاولات خجولة ومحصورة المجال إلى حد ما.
ويروي Eddy تفاصيل ما حدث حيث قال إن آبل أرادت استبدال مُنتج موجود بشيء جديد، وسمحت الشركة لفريق التطوير بالعمل على هذا المُنتج لوحده وبشكل مُنعزل تمامًا عن بقية الفرق. وأضاف أن الشركة لم تُدرك حقيقة درجة تعقيد نظام الخرائط لذا كان فريق التطوير صغير جدًا.
  • Gruber وقصته حول مشكلة الخرائط:
ما ذكره الإعلامي John Gruber عبر بودكاسته The Talk Show تعليقاً على هذا التقرير كان أنه ومن مصدر له داخل آبل حول المشكلة أن تبرير فريق العمل الصغير بقيادة Scot Forstall كان أن الخرائط ممتازة في كاليفورنيا (مكان تواجد الفريق الصغير لتطوير الخرائط)، ما لم يستوعبه الفريق أن الوضع سيء في بقية الأماكن حول العالم، جروبر وضيفه في البودكاست كذلك من سكان كاليفورنيا وأكدوا أن الخرائط كانت ممتازة في المنطقة منذ البداية. أمر أثار غضب الفريق التنفيذي في آبل كان مدى تركيز فريق العمل على خاصية FlyOver والتي صرفو عليها الكثير من الميزانية المخصصة لهم كذلك وهي التي تتمثل بأخذ جولة بالهيلكوبتر فوق المدينة لاستعراضها بشكل جميل، كون أمراً كهذا ثانوي، وكان الأجدى بفريق العمل أن يطوروا باقي النواحي الضعيفة في الخرائط.
بعد المشكلة التي حدثت طلب تيم كوك الرئيس التنفيذي للشركة من فورستال أن يوقع رسالة اعتذار حول المشكلة، وهو ما رفضه فورستال ظنا منه بأن قامته في الشركة كونه عمل لسنوات تحت إمرة ستيف جوبز ستجعله ينجو بفعلته وبرفضه لطلب الرئيس التنفيذي. بالتالي تمت إقالته
ما ذكره جروبر كذلك أن جزءاً من إنهاء العقد كان أن لا يتحدث عن مشكلة الخرائط لمدة عامين بمقابل مادي، وكما يبدو أن استمرار صمت فورستال يعود للرجل ذاته وولائه لآبل/احترامه المهني.
  • عودة لحديث كيو:
بالعودة للتقرير، الاستخفاف بتعقيد نظام الخرائط أدى إلى الكارثة عند الإطلاق لأن الشركة ظنّت أنها ليست بالأمر الصعب، فالطُرق معروفة، والمطاعم كذلك أيضًا بفضل بعض التطبيقات، دون نسيان أن شركات الشحن تصل إلى العناوين التي تبحث عنها بكل سهولة لتوصيل الطرود بشكل يومي.
الدرس الذي تعلمته آبل كان له تأثيرات على أكثر من محور، أحدها أن نظرة العاملين في آبل الذين يقومون بتجربة الأنظمة والتطبيقات قبل صدورها تختلف عن نظرة وتجربة استخدام مُلّاك أجهزة آبل حول العالم، وهو ما دفع الشركة لتوفير أكثر من نسخة تجريبية من نظام آي أو إس iOS قبل إطلاقه للعموم للوقوف على المشاكل الموجودة ومُعالجتها.
أما حول طريقة تعامل آبل مع التطبيق والضجّة الإعلامية التي رافقت إطلاقه، يقول Eddy إنه اجتمع بفريق عمله وأخبرهم أن ما يحصل طبيعي جدًا، لأنه وعندما كانت آبل شركة لإنتاج حواسب ماك كانت نسبة 1% من زبائنها تعني الآلاف فقط، بينما الآن 1% من زبائن آبل يعني الحديث عن عشرات الملايين، وهُنا تكمن المُشكلة، فسقف التوقعات ارتفع بشكل كبير جدًا.
وأكّد أيضًا أن جميع العاملين في الشركة مُتحفّزين دائمًا لارتفاع هذا السقف ويأتون كل يوم إلى الشركة بنيّة تقديم وبناء مُنتجات تُغيّر حياة المُستخدمين للأفضل، لأن مُستخدمي آبل اعتادوا على مُنتجات مُتميّزة منها، في حين أن مُستخدمي بقية الشركات ينتظرون مُنتجات تعمل فقط.
واجهت شركة آبل المُشكلة بشجاعة وقامت بزيادة أعضاء فريق العمل لتحليل المشاكل الموجودة فيها، فالطُرقات، المطاعم، الأماكن العامة، الجسور، وغيرها من التفاصيل تتغيّر باستمرار ولا تبقى ثابتة، ولهذا السبب اعتمد فريق العمل على نظام الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة لإضافة الأماكن الجديدة بشكل آلي.
هذا الحل سمح لآبل توفير خيارات أكثر لمُستخدميها، فإلى جانب تحديث الأماكن العامة والطُرقات، يُمكن رصد درجة الازدحام وتوقعها لتنبيه المُستخدم الذي ينتقل من مكان لآخر بشكل يومي.

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »